طفل يموت في مركز الاستطباب الوطني بعد عجز والده عن تسديد ثمن وصفة دواء

بعض المواقف التي لا تنسى…
أثناء مداومة ليلية في الحالات المستعجلة جاءنا رجل فقير، رث الثياب، لا تخفي ملامحه المتجهمة و خشونة يديه ما يعيشه من شظف العيش… كان هذا الرجل يحمل بين ذراعيه، طفلا في ربيعه الرابع مصفر الوجه، شاخص البصر بارد الأطراف، و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة…

كانت الساعة تشير الى الرابعة فجرا و أروقة المستشفى خالية الا من بعض القطط التي ألفت أكل بقايا الطعام الملقاة من قبل الزوار…كتب الممرض وصفة طبية اعتيادية تحتوي على سوائل وريدية و قفازات و بعض الاملاح عسانا نعثر على وريد للطفل الصغير…استلم الأب الوصفة و قال بصوت مبحوح:

“يا اخوتي الا شوف حالة ما ذ هي، يعلم مولان الل اطفل ل أيام ماش جوف ما ريت ش انوكلول و الليلة اسلفت من عند جاري باش نركب تاكسي، و جيتكم ما عندي ماه مولانا و انتوم”…
في هذه اللحظات توقف نبض الصغير نهائيا و توقف معه التنفس و بدأنا في محاولة يائسة لاسترجاع النبضات…و لكن دون جدوى فقدنا روحا أخرى في قسم الأطفال لأسباب تافهة و هي عدم توفير الأدوية الأساسية من قبل الوزارة للحالات المستعجلة…
حمل الأب جثة إبنه بين أحضانه، توجه به نحو بيت الغسل و للصلاة عليه بالمستشفى و سيدفن في مقبرة الأطفال خلف المستشفى و يتحول الى رقم في سجل الوفيات لا أكثر…
هذه القصة واقعية و في جعبة كل طبيب مئات الحالات المماثلة التي نرأى فيها المريض يفارق الحياة أمام ناظرينا لأسباب تافهة يمنعنا انعدام الوسائل من التدخل و تنكت في بذلاتنا الطبية نكتة سوداء….
و علينا تلافي تحول بذلاتنا إلى السواد الذي ننكر معه منكرا طبيا…

نقلا عن صفحة الدكتور / Abderrahmane Mohamed Saleh .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى